تعد الباستا من الأكلات المفضلة لدى الكثير من الناس، و لكن أغلبنا لا يعلم أي معلومات عن تاريخها و أول ظهور لها في العالم. بينما يظن البعض الآخر أن العديد من الأشخاص أن الرحالة ماركو بولو قد أحضر الباستا من الصين إلى إيطاليا في إحدى رحلاته و لكن لا أساس له من الصحة. ذلك أن الباستا كانت كانت تعد من الأكلات التقليدية في صقلية، و مدينة كالياري و جزيرة سردينيا قبل رجوعه من رحلته سنة 1296. و تثبت وجود وثائق تاريخية وصفات تعود سنة 800 ميلادية و هي تضم وصفات للباستا المجففة التي تحضر من القمح الصلب.
أصل الباستا العربي
و تقول بعض القصص أن امرأة ريفية تدعى “لبيستا” هي التي قامت بابتكار باستا الرافيولي المحشوة و اللازانيا، و لكن هناك بعض الأنواع من الباستا المحشوة الشبيهة بالرافيولي و تعود أصولها للقرن الحادي عشر في العالم العربي، و لكن في الوقت الذي قام الإيطاليين بابتكار هذه الأصناف الشهية صنعوا باستا محشوة بقياس صغير و أطلقوا عليها اسم Tortellini ، أي الكعكات الصغيرة و التي كانت تحضر بقليها. و لكن في النهاية فإن الباستا جاءت نتيجة للإبداع البشري و التطور. و يقول المؤرخون كذلك أن مكرونة السباجيتي لم تظهر لأول مرة في منطقة حوض البحر المتوسط، و لكن أصلها كان في العالم العربي و إفريقيا، لأن هذه الأراضي في العالم هي المعروفة بقمح الكاموت المستعمل في صناعة الباستا بجودة رفيعة.
و رغم ذلك تحكي الروايات عن تاريخ الباستا في اليونان حيث تعد الباستا من الأكلات الأساسية هناك كطبق المكرونة بالبشاميل Pastitsio و طبق أورزو Orzo ، في حين تعرف الصين بالنودلز الآسيوي الذي يصنع من طحين الأرز، أما في دول الشرق الأوسط فتقدم الباستا مع الصنوبر و صوص الزبادي و لكن في غالب الأحيان تقدم مع اللحم، و كل هذا التنوع دليل على حب الشعوب لهذه الأكلة في كل أنحاء العالم و تفننهم في تقديمها.
تاريخ وصفات الباستا
كانت كتب الطبخ في إيطاليا في القرون الوسطى تضم وصفات للباستا و أبرزها اللازانيا و الرافيولي أي المعكرونة المحشوة، و اللينقويني و الشعيرية، و هي من أهم الوجبات الاولى في المطبخ الإيطالي. أما قديما فكانت وصفات الباستا تحتوي على أشكال صغيرة من الباستا كالشعيرية vermicelli و كانت غالبا ما يتم استعمالها في الشوربات أو في حليب اللوز و تحضر منها العصيدة.
و في أول عصور التطور في إيطاليا كان يعذ الطحين و المكرونة أكلات خاصة بالأثرياء فقط، لذلك المكرونة كانت متوفرة للأقل ثراء يستعملونها في الشوربات حتى يتمكنوا من إطعام عدد كبير من الأشخاص كما كانت تقدم في المناسبات الخاصة. و يعلم الأغلبية أنه كان يتم إتباع تقليد معين حيث يقدم الحساء الإيطالي في عيد الفصح و يسمى Straccuatella أو باللغة العربية مكرونة الحبوب.
و سابقا كان يقدم الوسينغيز أو ما نطلق عليه في عصرنا اللازانيا، و لكن الوصفة كانت مختلفة عن الحالية، حيث كان يتم إعدادها على شكل طبقات و لكنها كانت حلوة المذاق بدل ما نستعمله من صوص طماطم و أعشاب مستعملة الآن. و بالرغم من استعمال الجبن فيها إلا أنها كانت خالية من الخضروات و اللحوم.
و يعود تاريخ وصفات الباستا الرافيولي المحشوة كذلك إلى القرن الرابع عشر، حيث كانت تستعمل حشوات من الدجاج و الجبن في الباستا. كما كانت هناك باستا النوكي في نفس القرن و كانت تقدم بنفس طريقة إعدادها اليوم لكنهم كانوا يستعملون بدل البطاطس المهروسة كان يتم وضع الطحين و الجبن.
نحن نتمتع بالعديد من الأطعمة و التي تقول لنا أسمائها الإيطالية عن شكلها وطريقة التحضير، أو حتى أصلها: فكلمة إسبرسو تعني "المضغوط"، اما كانيلوني "الأنابيب الكبيرة"، الرافيولي "اللفت الصغير"، المعكرونة "الخيوط الصغيرة"، توتي فروتي" كل الفواكه "، الشعيرية "الديدان الصغيرة" اللازانيا " وعاء الخبز "، البارميزان "من بارما"، المنيستروني "الموزعة"، و المعكرونة "العجين النيء او الطازج". كل هذه الأطعمة تثير في الأذهان صورا عن إيطاليا، وجميعها جاءت من هذا البلد ما عدا واحدة،و هي المعكرونة (بما في ذلك الشعيرية و السباقيتي)، و التي صنعت في بدايتها في الصين على الأقل من ثلاثة آلاف سنة، من الأرز و طحين الفاصوليا.
تقول القصة أن الاخوة بولو، نيكولو ومافيو، و نجل نيكولو، ماركو، عندما عادوا من الصين في نهاية القرن الثالث عشر احضروا معهم وصفات لإعداد المعكرونة الصينية النودلز. ومن المعروف على وجه اليقين أن استهلاك المعكرونة في شكل سباغيتي و الرافيولي بدات في ايطاليا سنة 1353، في نفس السنة التي نشر فيها بوكاتشيو الديكاميرون. هذا الكتاب الذي يحكي مائة حكاية خيالية ، من المفترض أنها قُصت من قبل مجموعة من عشرة أشخاص من فلورنسا خلال رحلة . كلمة Decamerone تعني "عشرة أيام". هذا الكتاب لم يذكر الطبقين فحسب، بل اقترح اضافة صلصة والجبن فوقها . " في منطقة تسمى Bengodi، أين يقومون بربط الكروم بالسجق، هناك جبل مصنوع من جبن البارميزان المبشور و الذي يعمل الرجال عليه طوال اليوم لصنع السباغيتي والرافيولي، و يتناولونه مع الصلصة" .
لقرون عديدة، صنع الايطاليون جميع أشكال المعكرونة بمشقة و قطعوها يدوياً. تم إنتاج السباغيتي لأول مرة على نطاق واسع في نابولي في عام 1800، اين علقت سلاسل طويلة لتجف في الشمس. بقيت العجينة تعجن باليد حتى عام 1830، عندما اخترع حوض عجن ميكانيكي و اعتمدت على نطاق واسع في جميع أنحاء إيطاليا.
المعكرونة و الرافيولي المعلبة نشأت في أمريكا، من إنشاء طاه من مواليد ايطاليا، يعمل في نيويورك ، هيكتور بواردي. كان يعتقد ان الأمريكيين لم تكن لديهم معرفة بالطعام الإيطالي كما يجب أن يكون فقرر أن يفعل شيئا حيال ذلك.
في البداية قام بتعليب المعكرونة و بيعها تحت اسم بو-يار-دي و التي سرعان ما لفتت انتباه جون هارتفورد مسؤول تنفيذي لاحدى سلاسل توزيع الأطعمة، لتظهر بعدها على رفوف المحلات و المتاجر.