صناعة الجلود شهدت تغييرات مهمة خلال الـ30 سنة الماضية || 140


الجلود.. أقدم صناعة في التاريخ


صناعة الجلود شهدت تغييرات مهمة خلال الـ30 سنة الماضية

 

لطالما كانت صناعة الجلود لاعباً رئيسياً في سوق التجارة العالمية لآلاف السنين، بل يزعم البعض أنها قد تكون ثاني أقدم مهنة في العالم. اليوم أصبحت بلا شك صناعة كبرى ذات أهمية اقتصادية ضخمة على المستوى الدولي، ففي عام واحد فقط، يتم إنتاج 23 مليار قدم مربعة من الجلد، وهو ما يمثل نحو 45 مليار دولار ومع ذلك، لم تتأثر الصناعة منذ نشأتها، لكنها شهدت العديد من التغييرات المهمة والتبعات، خصوصا في السنوات العشرين إلى الثلاثين الماضية.

وتعتبر صناعة الجلود قطاعا صناعيا قديما ينتج مجموعة واسعة من السلع؛ مثل الأحذية الجلدية والحقائب الجلدية والملابس الجلدية وما إلى ذلك، المواد الخام المستخدمة في صناعة الجلود مستمدة من ناتج صناعة المواد الغذائية، وتحديدا من معالجة اللحوم.

يعتمد أساس صناعة الجلود، في معظمه، على تحويل مخلفات الصناعات الغذائية والزراعية إلى مجموعة متنوعة من المنتجات النهائية المفيدة والمستدامة والجذابة. من خلال معالجة وإعادة تدوير نفايات المنتجات الثانوية من صناعات اللحوم والألبان والصوف على الجلود، ويتم إنشاء قيمة ضخمة وأهمية اقتصادية عالمية هائلة 

أهم الصفات

وتشمل السمات التي يتم أخذها في الاعتبار، عند اتخاذ قرار بشأن الجودة، وسعر قطعة من الجلد، كلا من القوة، والمرونة، والتهوية، ومقاومة الاحتكاك، والقدرة على مقاومة الماء أو الحرارة. وتعتمد هذه الصفات عادةً على جزء الحيوان الذي تأتي منه القطعة وتحدد استخدامه النهائي، على سبيل المثال الجزء الخلفي هو الجزء الأقوى، حيث إن الألياف الموجودة في الجلد تكون معبأة بإحكام أكثر بينما الكتف سميك وقوي لكنه يميل إلى التجعد بسهولة أكبر.

ولا يمكن وصف صناعة الجلود بأي شيء سوى صناعة دولية، حيث يأخذ الإنتاج أماكن في جميع أنحاء العالم ويرتبط ارتباطا وثيقا بالصناعة الزراعية لكل بلد. ويصل إنتاج الجلود العالمي من الأبقار الى حوالي %65، و%15 من الأغنام، و%11 من الخنازير و%9 من الماعز، وتعتمد مناطق الإنتاج اعتمادا كبيرا على أماكن تربية هذه الحيوانات للغذاء والصوف.

معظم الجلود في الولايات المتحدة وأوروبا تأتي من الصين، وهي أكبر مصدر في العالم، والهند، والبرازيل، والولايات المتحدة، والأرجنتين، وكلها تشكل غالبية حصة الأبقار البالغة %65.

وتشمل الدول الرائدة في العالم لتصنيع المنتجات الجلدية الصين والهند والبرازيل وفيتنام وإيطاليا، بعضها أكثر أهمية بالنسبة إلى السلع الفاخرة ذات القيمة المضافة والبعض الآخر بالنسبة إلى الحجم الكبير. إنتاج السلع الجلدية في أوروبا على وجه التحديد في انخفاض مطرد، ولكن البلدان التي تصدر أكبر حصة هي إيطاليا وفرنسا وبلجيكا وأسبانيا.

في الواقع، تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من %50 من الجلود المنتجة اليوم تدخل في الأحذية الجلدية، تليها الأثاث، الملابس، السلع الجلدية، وصناعة الأجزاء في السيارات والطائرات.

تاريخ عتيد

تم اكتشاف الجلود منذ حوالي ثلاثة وعشرين ألف عام من الآن، حيث كان البدو يعتمدون على الصيد بشكل كبير مما جعلهم يدركون أهمية جلود الحيوانات التي كانوا يذبحونها، فكانوا يقومون بمعالجة الجلود لتصبح صالحة للاستخدام البشري، وفي بدايات اكتشاف الجلود كانت تعالج بمواد كيميائية طبيعية مثل التانين النباتي الطبيعي والدهون الطبيعية والبروتينات وغيرها، أما في الوقت الحالي فتستخدم مواد كيميائية صناعية لمعالجة الجلود في أحدث المصانع التي تصنع الاكسسوارات الجلدية والملابس وغيرها، وهي من أكبر الصناعات في العالم.

تمر الصناعة بعدة عمليات وتختلف هذه العمليات بحسب نوع الجلود، وقبل خضوعها للعمليات يجب الحفاظ على الجلد وحمايته بعناية قبل الوصول إلى المدبغة، ولأن جلد الحيوان يبدأ بالتحلل خلال ساعات من ذبح الحيوان، فيجب منع تحلل الجلد، فتتعرض الجلود لعملية تجفيف وذلك إما عن طريق الهواء أو الملح؛ فيتم تمليح الجلود بشكل جاف أو رطب، أو تخليلها بالأحماض والأملاح قبل نقلها إلى المدبغة، وعندها تخضع الجلود الحقيقية إلى عمليات أساسية.

التحضير والدباغة

يتم تحضير الجلد لعملية الدباغة وذلك بحفظه لكي لا يَضعف وغسيله بالماء، وتقسيم الجلد إلى طبقات وإزالة بعض مكوناته فتتم إزالة كل من الشعر واللحم من تحت الجلد والدهون والشحوم والزيوت الطبيعية من داخل الجلد، كما تتم إزالة بعض البروتينات، والتبييض لإنتاج جلود بألوان فاتحة، ويتم أيضًا التخليل وذلك لخفض الرقم الهيدروجيني للمنطقة الحمضية ويتم ذلك بالأملاح ويساعد أيضًا في فعالية بعض عوامل الدباغة؛ مثل الكروم والمعادن الأخرى والألدهيدات وغيرها.

يتم تحويل البروتين في الجلود إلى مادة لا تتعفن وتناسب تطبيقات عديدة، فالجلود المدبوغة تبقى مرنة ولا تتعفن، بينما الجلود الخام تبقى صلبة جافة وقد تتعفن، وأكثر مواد الدباغة المستخدمة هي الكروم الذي يجعل الجلد باللون الأزرق الباهت، وهناك طرق مختلفة للدباغة، ويتم الاختيار بين الطرق بحسب الاستخدام النهائي للجلد، ومن هذه الطرق:

دباغة الخضار: وهي أقدم طرق الدباغة، وتعتمد على أجزاء النباتات لتوافر التانين، أي حمض التانيك فيها التي تنتج جلوداً صلبة ومقاومة للماء.

الدباغة المعدنية: وتعتمد على استخدام الأملاح المعدنية لإنتاج جلود ناعمة ومرنة.

دباغة النفط: هي أيضًا طريقة قديمة وتعتمد على زيت السمك أو غيره بحيث تخزن المواد الدهنية فتعطي رطوبة طبيعية للجلد وتنتج جلدا ناعما مثل جلد الشامواه.

وتعتبر معالجة الجلود المدبوغة آخر مرحلة في عملية صناعة الجلود، فبعد الانتهاء من عملية الدباغة تتم معالجة الجلود، ثم تجفيف الجلد أولًا ثم يصبغ باللون المناسب، ومن ثم يتم دمج الزيوت والشحوم في الجلد وذلك لتحسين ليونتها وتشحيمها، وبعدها يتم استخدام نشارة الخشب الرطبة لتجديد الجلد المجفف، بعدها يتم تمديد الجلد وتنعيمه، وأخيرًا يتم تغليفه لمنعه من التآكل ومن الماء والبرودة والحرارة، وهكذا تصبح الجلود جاهزة لاستخدامها في تصنيع المنتجات المتعددة مثل: الأحذية والملابس وغيرها.

 

 

القائمة