كيف تم إكتشاف الزجاج وتاريخ تطوره || 119


المكونات الرئيسية لصناعة الزجاج هى الرمل ورماد الصودا او البوتاس

مع الكلس حيث يتم صهر هذه المواد بدرجة حرارة عالية يقال ان الفنيقين

القداما هم اول من أكتشفوا سر صناعة الرجاج حيث نزل بحارة

مركب على الساحل السورى وأرادو طهى طعامهم فلم يجدوا حجارة لسند قدروهم(طباقهم)

لذا استعملوا بضع كتل كانت من حمولة المركب وكانت هذه المادة حيث امتزجت بالرمل

وشكلت قليل من الزجاج السائل قد تكون الرواية حقيقية وقد لا تكون ولكن المعروف ان سوريا هى

موطن الزجاج وتعتبر مصر من البلدان التى عرفت الزجاج من زمن بعيد وقد أثبتت

الدراسات التاريخية ان المصريين القدماء قد عرفوا الرجاج منذ 1500عام ق.م

وبعد 1200 عام ق.م عرف المصريون القدماء نفخ الزجاج وكان الرومان ماهرين فى صناعة الزجاج

فقد صنعوا الزجاج للنوافذ ولتغطية لجدران

 

 

ظهر الزجاج، بشكل قيشاني، في مصر من العصر الحجري الحديث في حضارة البداري؛ بالقرن الخامس قبل الميلاد. وربما دخلت معرفة صناعة الزجاج من الشرق الأدنى؛ وظهرت بمصر، أول ما ظهرت، حوالي الأسرة الثامنة عشرة (نحو 1550 – 1292 ق.م.). وكانت معظم قطع الزجاج المبكرة على شكل خرز. وكان اقتناء منتجات الزجاج في عصر الدولة الحديثة نوعا من الترف؛ حيث صنع على شكل زهريات، كما طعمت به زخارف الأثاث والجدران.

وكانت درجة حرارة انصهار السليكا أعلى مما عرفت الصناعات القديمة. ولكن إضافة القلويات، مثل الصودا والبوتاس يخفض درجة حرارة الانصهار. وكان الجير يضاف؛ لتثبيت الخليط. ولصناعة الزجاج الخام، كان المصريون القدماء يطحنون المواد لتحويلها إلى مسحوق دقيق بأعلى درجة ممكنة؛ قبل تسخينها. وكان الزجاج القديم يلون بإضافة صبغات؛ مثل مركبات النحاس والحديد، إلى الزجاج الخام – للحصول على اللون الأزرق المخضر؛ وأكسيدات النحاس للحصول على اللون الأحمر أو البرتقالي، ومركبات الكوبالت للحصول على اللون الأزرق المعتم.

وكانت الطريقة الأكثر شيوعا، لصنع الزجاج في عصر الدولة الحديثة، هي بتشكيل قلب أو لب من الطين المخلوط بالروث أو المواد النباتية؛ على هيئة الجزء الداخلي للوعاء. ثم يغمس القلب في الزجاج المنصهر؛ أو أن يصب الزجاج المنصهر عليه. وبعدها تدحرج القطعة على سطح أملس لكي تصبح ملساء؛ ثم يزال خليط الطين بداخل القطعة بعد أن تبرد. واستخدام القوالب كان أيضا من طرق تشكيل الزجاج؛ وفيها كان يصب الزجاج المنصهر في قالب، أو أن الزجاج المطحون كان يسخن داخل قالب. وكانت كتل الزجاج تقطع (لتشكل) على البارد، مثلما تقطع الكتل الحجرية عند تشكيلها؛ ولكن تلك الطريقة كانت بالغة الصعوبة، فلم تكن شائعة.

وفي العصر البطلمي انتشر الزجاج بمصر، لأغراض الاستخدام اليومي؛ في الأطباق المسطحة والعميقة والأواني والكؤوس والمصابيح والقلادات وفي تطعيم الحلي، أو المرايا. وفي العصر الروماني، حوالي القرن الثالث الميلادي، طورت صناعة الأواني الخزفية المطلية بطبقة لامعة. وكانت إشابة (خليط معدنيّ) النحاس والفضة تضاف إلى الأصباغ التي يطلى بها الزجاج. وكانت الأصباغ تندمج في الزجاج؛ فتعطي لونا داكنا أو باهتا؛ حسب درجة حرارة الحرق. وبدأت آنية الزجاج المصنوعة من قوالب، في الظهور؛ بحلول العصر البيزنطي.

وبعد فتح عمرو بن العاص لمصر، عمل العرب على تطوير صناعة الزجاج وابتكار الكثير من الأدوات والطرق التي لم تكن مستخدمة في العصور السابقة. ففي نفخ الزجاج أصبح استخدام "البونتيل"، وهو قضيب يمسك بقاع الإناء، شائعا في ذلك العصر. وكانت الكتل الخشبية من بين الأدوات الأخرى المستخدمة في نفخ الزجاج، لتشكيل الزجاج المنصهر على هيئة كرة قبل نفخه؛ والمدوار لتشكيل فم الوعاء والمقص، لتقليم الزجاج الزائد أثناء النفخ. واستخدم في إنتاج زجاج ذلك العصر، نوعان من القوالب؛ نوع من جزأين بمفصلة، حيث ينحت النموذج داخليا – عادة بأشكال هندسية ونباتية؛ والآخر قالب غمْس، حيث ينفخ الزجاج بداخله – ثم يستكمل نفخه خارجيا مما يجعل الشكل أقل تميزا.

ويتميز زجاج ذلك العصر بحليات مركبة، مقرونة بآيات قرآنية وكتابات أخرى؛ منفذة بخطوط زخرفية فنية. واستخدمت عدة طرق في زخرفة الزجاج؛ منها الطريقة الساخنة التي نقش فيها الوعاء بينما لم يزل دافئا. وكانت تصب أذيال من الزجاج الساخن على الوعاء لزخرفته بشكل حلزوني، أو أن يدمغ الوعاء بنموذج محفور على ملقاط ساخن. وكانت أذيال الزجاج تمشط بأداة مسننة؛ في أشكال متموجة، أو مقوسة أو في حلقات. وكان الزجاج المنفوخ يزخرف أيضا بطريقة القطع التي تشمل: الحفر المخربش، والقطع السطحي، والقطع البارز والغائر. وكان الزجاج الملون يطلى بأصباغ تحتوي على الفضة والنحاس ثم يحمى عليه في النار؛ لصهر الألوان في الزجاج. ولطلاء الزجاج بالمينا أو الذهب، كانت توضع على سطح الوعاء سابق التشكيل مساحيق الزجاج والذهب؛ ثم يحمى عليه في النار

 

اهتم سكان بلاد الرافدين، شأنهم شأن بقية الشعوب المتوغلة بالقدم، بصنع الأدوات والأسلحة التي يحتاجون إليها من الأحجار المنتشرة في أطراف بلادهم. وبما أن المواد الغضارية تستر أكثر أراضيهم لذلك لجؤوا إليها لصنع الأدوات المنزلية، كما استفادوا منها لصنع ألواح كتبوا عليها بالخط المسماري الذي اخترعوه. وكانوا يكتفون بمزج الغضار بالماء وصنع تلك الأدوات ثم تركها لتجف تحت أشعة الشمس. وفي أوائل الألف الثاني قبل الميلاد اهتدوا لشيّ تلك الأدوات والألواح، وهذا ما أكسبها صلابة ومقاومة للتفتت، الناجم عن الرطوبة أو الاحتكاك. وفي منتصف الألف الثاني قاموا بطلي بعض تلك الأدوات بطبقة من الزجاج.‏

 

ويُعدّ تزجيج الفخار من أوائل الصناعات الكيماوية التي اهتدى إليها الإنسان. ويقول الدكتور سارتون إنه يوجد في المتحف البريطاني بلندن لوح مسماري صغير، يعود تاريخه إلى عصر الملك جولكيشار (1690-1636)ق.م، نُقش على وجهيه وصفة عملية لتزجيج الفخار، أي تحويله لخزف. وتدل هذه الوثيقة على الطريقة التي كان يعمد إليها سكان الرافدين لطلي الفخار بطبقة رقيقة من مادة زجاجية، فتكسبه صلابة وملاسة ولمعاناً وجمالاً. ويتمّ ذلك بأخذ أوزان معينة من فتات النحاس والرصاص والزجاج المكسّر، تجعل بشكل سائل باستعمال الخل. وتغمس به الأواني الفخارية، ثم تشوى داخل فرن تشتعل فيه النار، وتخرج منه بعد ذلك وتترك لتبرد في العراء، وبذلك يتلون الفخار بلون أخضر.‏

 

ويقول سارتون إن هذه الوثيقة لاتقتصر أهميتها على كونها أقدم سجلّ معروف عن وصف عملية التزجيج، بل إن الوثائق الأخرى المماثلة لم تظهر في بلد آخر إلا بعد ذلك بألف عام.‏

 

لقد تفنن صانعو الخزف باختيار الغضار المناسب لصنع الفخار، فاليمنيون مثلاً كانوا يجلبونه من الصين. أما لتلوين الخزف فقد اهتدوا إلى معرفة الأكاسيد المعدنية المناسبة لتلوينها بالألوان المطلوبة. ومما ساعد على تقدم عملية التزجيج وجود قطع من الزجاج الطبيعي، مبعثرة بين الرمال، وهي تحصل في الطبيعة من اتحاد حبيبات الرمال الناعمة (وتركيبها أكسيد السيليسيوم) مع الأملاح القلوية الناتجة من احتراق النباتات.‏

 

وبما أن وادي النيل غني بالرمال وبملح النطرون، الذي يدخل في تركيبه فحمات الصوديوم وفحمات البوتاسيوم، لذلك اهتدى المصريون منذ فجر التاريخ أيضاً لصنع الزجاج. وقد تقدمت هذه الصناعة في مصر وفي غيرها من بلاد الشرقين الأقصى والأدنى، وخاصة بين القرنين السادس عشر والخامس عشر قبل الميلاد. وأصبح العمال ينتجون أوانيٍ خزفية وزجاجية، جميلة الأشكال رائعة الألوان. وقد اشتهر الزجاج المصري بألوانه المتعددة، ومنها البنفسجي، علماً أن هذا اللون ينشأ من أوكسيد الكوبالت، وهو معدن لايصادف في أرض مصر، مما يدل على قيام المصريين القدماء بالبحث عنه في الأراضي المجاورة لبلادهم.‏

 

ومن الأدوات الفخارية التي انفرد بصنعها سكان الرافدين الأختام، وألواح الكتابة (الُرقم)، والتي كانوا يستعملونها لتدوين الرسائل والعقود غالباً.‏

 

كان الكهنة في بلاد الرافدين هم الذين يعرفون القراءة والكتابة بالخط المسماري، منذ الألف الثالث قبل الميلاد. فإذا أراد أحد الملوك أو الأمراء أن يُبرم معاهدة، أو يرسل رسالة إلى ملك آخر، أو أراد أحد الملاّك أو التجار أن يسجّل عقداً مع مستأجر أو بائع، التجأ إلى أحد الكهنة أو الكتبة. وبما أن العقود والرسائل كانت تنقش على ألواح طينية غضة لذلك كان لابد لكل فرد يتمتع بمكانة اجتماعية أو مالية، أن يكون له خاتم خاص يدل عليه، فيمهر به العقد أو الرسالة. ويتفاوت حجم الخاتم، وطريقة نقشه، ونوع الحجر المصنوع منه، حسب مكانة صاحبه. لذلك وجد المنقبّون في خرائب مدن الرافدين أختاماً من الفخار أو العقيق أو اللازورد أو اليشب، أو غيرها من الأحجار الكريمة، منقوشة بأسماء أصحابها أو رموزهم.‏

 

تاريخ صناعة الزجاج عند المسلمين

 

اعتنى المسلمون في العصور الوسطى بصناعة الزجاج وطوروها؛ وذلك بعدما تعلموا طرق صناعتها من البلدان التي فتحوها، مثل مصر والشام، والعراق، وإيران، وكان ذلك لحاجتهم إلى الأواني الزجاجية التي تستخدم في العطور، والعقاقير، والإنارة، والشرب، وغيرها.

 

ويتكون الزجاج من خليط من الرمل والبوتاس والصودا، حيث تصهر معًا حتى تتحول إلى سائل عند تبريده يكون مرنًا من السهل تشكيله، ويشكل الزجاج بواسطة أنبوبة حديدية ذات مبسم خشبي تغمس في السائل ويرفع على طرفها مقدار منه، ثم ينفخ في الأنبوبة فيتحول السائل إلى فقاعة مملوءة بالهواء، ثم تشكل حسب ما يريد الصانع، فقد تكون قنينة وقد تكون إبريقًا وغير ذلك.

 

وكانت الزخرفة تنفذ بأساليب مختلفة منها طريقة الضغط على الأواني وهي لا تزال لينة، وكذلك بطريقة الملقاط، أو بطريقة الإضافة تلك التي تتم بلصق خيوط من الزجاج إلى جدران الأواني وهي لينة، وغير ذلك من الطرق الأخرى.

 

ولقد صنع المسلمون القدامى أنواعًا كثيرة من الأواني الزجاجية؛ فوصلتنا هذه المجموعة المختلفة الأشكال تلك التي ترجع إلى القرن الثاني أو الثالث الهجري. هذه آنية زجاجية ترجع إلى القرن الثالث الهجري، وهذا الإبريق الزجاجي المصنوع بالطريقة الرومانية يرجع إلى القرن الثاني الهجري عصر الدولة العباسية، أما هذا القدر فقد زخرف بالإضافة في "مصر" الفاطمية خلال القرن الخامس الهجري، وهذا إبريق يرجع إلى القرن الثالث الهجري من "مصر" العباسية، كما وصلتنا هذه المزهرية المملوكية العصر، وقد زودت فوهتها البديعة الصنع بخيوط زجاجية ملونة، أما هذه القنينة فذات بدن مضلع نفذت بالقالب وزخرفت رقبتها بإضافة خيوط زجاجية في القرن الثامن الهجري.

 

وهذا جزء من إناء فاطمي العصر، وقد زُخرف بالكتابة الكوفية مع الكائنات المتقابلة ويرجع إلى القرن الخامس الهجري، أما هذه القنينة وتلك المكحلة فمن البلور الصخري، وقد زخرفتا بالقطع والشطف في مصر الفاطمية خلال القرن الخامس الهجري، والبلور ليس بزجاج؛ بل حجر صلب من باطن الأرض.

 

وهذه بعض المكاييل الزجاجية المخصصة للعطور أو السوائل الطبية من القرن الثاني الهجري عصر الأمويين، كما صنع العرب المسلمون الموازين والصِنَج من الزجاج أيضًا، فهذا ثقل ميزان يوازي رطلاً ويرجع إلى عام 129 للهجرة. وهذا مثقال فلس من العصر الأموي المبكر، أما هذه الصِنَج فمن عهد "العزيز بالله" الخليفة الفاطمي، وهذا الثقل من عهد السلطان "قايتباي" عام 893 للهجرة.

 

كما برع المسلمون في صنع المشكاوات؛ وذلك لإضاءة المساجد والمنازل وخلافه، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم: {اللهُ نُورُ السَّمَأوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} [النور: 35]، وقد وصلنا عدد من المشكاوات المملوكية العصر المموهة بالمينا والمزخرفة بكتابات نسخية وزخرفية نباتية، فهذه المشكاة باسم السلطان "حسن" وقد موهت بالمينا، وزخرفت بكتابات نسخية قرآنية وزخرفية نباتية غاية في الإبداع، وهذه أيضًا من عهد السلطان "حسن"، وقد زخرفت فقط بزخارف نباتية دقيقة بمهارة وإتقان.

 

أما هذه المشكاة فباسم الأمير "شايخو" ساقي السلطان المملوكي الناصر "محمد بن قلاوون"، وتضم مع الكتابة النسخية الجميلة "رنك الكأس" الذي يشير إلى وظيفة الساقي؛ حيث تعتبر "الرنوك الوظيفية" سمة من سمات العصر المملوكي.

 

واستخدم العرب المسلمون الزجاج في زخرفة النوافذ أيضًا؛ حيث برعوا في صناعة الزجاج المعشق في الجص. وتمر هذه الصناعة بعدة مراحل؛ بداية برسم الوحدات الزخرفية على الجص، ثم تبدأ مرحلة التفريغ أي التخريم لهذه الوحدات المراد تعشيقها بالزجاج.

 

وأخيرًا تبدأ مرحلة تركيب القطع الزجاجية المختلفة الأحجام والألوان من الخلف وتثبت بالجص السائل.

 

ومازالت هذه الطريقة المتوارثة تنتج لنا لوحات زخرفية متنوعة الأشكال تُحدِث مع الضوء حالة من البهجة والإبهار، ويبدو ذلك جليا في نوافذ العمائر الإسلامية المختلفة، كما استخدم المسلمون الزجاج في عمل زخارف الفسيفساء؛ ويظهر ذلك بوضوح في الجامع الأموي بـدمشق الذي تضم زخارفه مناظر طبيعية بديعة، وتعتبر فسيفساء هذا المسجد أقدم نموذج للفسيفساء الزجاجية الإسلامية بعد قبة الصخرة.

المصدر

 

القائمة