في عام 1996، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بطرح مفهوم المناطق الصناعية المؤهلة بهدف تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط من خلال الشراكات الاقتصادية الإقليمية والتي يستفيد منها كل من الدول العربية وإسرائيل. ولهذا الغرض، قامت الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 1996 بإصدار قرار رقم 6955، الخاص بالسماح للمنتجات الصناعية المنشأة في مصر والتي تم تصنيعها بالتعاون مع إسرائيل بالنفاذ إلي الولايات المتحدة الأمريكية متمتعة بالإعفاء من الجمارك، وذلك طبقاً لقواعد المنشأ الدولية.
وفي عام 1999، أصبحت الأردن أول دولة في المنطقة توقع بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة وتتمتع منذ ذك الحين بتبعات اقتصادية إيجابية كبيرة. واضعة ذلك في اعتبارها، قامت الحكومة المصرية بدراسة عدة عوامل أخرى لتحديد ما إذا كانت ستقوم بتنفيذ بروتوكول خاص بمصر أم لا.بالإضافة إلي المميزات التي تتمتع بها الأردن، أدركت مصر التهديد الموجه إلي التنافسية الدولية الخاصة بمصر في مجال صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة نظراً لإلغاء منظمة التجارة العالمية للحصص الكمية علي المنسوجات. وأخيراً قررت الحكومة ضرورة التفاوض بشأن البروتوكول في محاولة منها لحماية الصناعة ولتهدئة قلق صناع قطاع المنسوجات وموظفيه. وفي الوقت الذي تستفيد صناعات أخرى أيضاً، فإن صناعة المنسوجات، بأصول تصل إلي مليار جنيه مصري، يعمل بها مليون عامل وتساهم بنسبة 30% من الصادرات الصناعية المصرية وتعمل من أجل تحقيق أقصي المكاسب.
وفي 14 ديسمبر، 2004 وقعت الحكومة المصرية بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. حيث يسمح البروتوكول للمنتجات المصنعة من الشركات المؤهلة العاملة بداخل المواقع الجغرافية المحددة في مصر بالنفاذ إلي الولايات المتحدة الأمريكية والتمتع بالإعفاء من الجمارك، علي أن تحتوي هذه المنتجات علي نسبة 10.5% من المكون الإسرائيلي.
تعد المناطق الصناعية المؤهلة مناطق جغرافية محددة داخل مصر والتي تتمتع بوضع معفي من الجمارك مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتعفي الشركات الواقعة بداخل تلك المناطق من الضرائب عند النفاذ إلي أسواق الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك بشرط استيفاء هذه المنتجات لنسبة مدخل الإنتاج الإسرائيلي وفقاً لقواعد المنشأ الواردة من قبل.
وفي أوائل عام 2005، بدأت المناطق الصناعية المؤهلة في 7 مواقع صناعية محددة في مصر. حيث بدأت أولياً بـ397 شركة صناعية في هذه المواقع السبع، ثم قامت المناطق الصناعية المؤهلة بالتوسع سريعاً لتشمل أكثر من 15 منطقة صناعية محددة حالياً، بحوالي 700 شركة مؤهلة، كما تحقق تقدم أكبر كل ربع سنوي يصل إلي أكثر من مليار دولار من الإيرادات السنوية.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه التنافسية العالمية، تقدم مصر للمستثمرين ميزات كبيرة طويلة الأمد بالمقارنة باتفاقيات التجارة التفضيلية الأخرى. وذلك من خلال التزامها المستمر دون تاريخ إنتهاء لصلاحيته أو عدم تخفيض المقررات الجمركية.
وتتعدد مميزات المناطق الصناعية المؤهلة في مصر؛ ومن أهمها تيسير النفاذ إلي أسواق الولايات المتحدة الأمريكية بحصة مفتوحة غير محدودة، بالإضافة إلي الإعفاءات من القيود الجمركية وغير الجمركية. وتشمل المميزات الأخرى: عامل التكاليف المنخفض، فضلاً عن توافر اليد العاملة المتاحة علي نحو كبير. ومن خلال تعزيز موقعها بالمميزات الإضافية الخاصة بالاتفاقيات التجارية المبرمة مع أسواق أخرى، فإن مصر قادرة تماماً علي توفير مميزات اقتصادية لا حصر لها للصناعات الموجودة بداخل هذه المناطق. وقد أثبتت المناطق الصناعية المؤهلة فاعليتها من خلال التأثير الاقتصادي الإيجابي حتى الآن مما دفع المستثمرين الأجانب والشركات المصرية علي حد سواء إلي السعي باستمرار إلي تأهيل مصانعهم بداخل هذه المناطق من أجل زيادة التنافسية وكذا الربحية الخاصة بها.
وقد ارتفع حجم الصادرات المصرية بشكل كبير منذ بدء المناطق الصناعية المؤهلة، حيث تذهب معظم هذه الصادرات إلي الأسواق في الولايات المتحدة الأمريكية. علاوة علي ذلك، تتمتع الشركات المصدرة بموجب نظام المناطق الصناعية المؤهلة بمكاسب مرتفعة نتيجة لنفاذهم غير المحدود والمعفي من الجمارك إلي هذه الأسواق.
وفي الوقت الذي تستمر شركات المناطق الصناعية المؤهلة في التوسع لمجاراة هذا النمو، تستفيد مصر من خلال تخفيض نسبة البطالة وتدعيم الاقتصاد مما يساعدها في النهاية علي تعزيز موقعها علي الخريطة الاقتصادية للعالم.