في كل مرة يولد فيها نموذج جديد من الأعمال التجارية، تسود الناس سحابة كبيرة من التساؤلات والنقاط الغامضة، سواء حول كيفية إقامة تلك الأعمال أو حول المفهوم ذاته، ومما يثير تساؤلات الناس في هذه الحقبة هو الفرق في المفهوم بين B2B و B2C !
لا سيما أن الكثير من الناس باتوا يفكرون في الوقت الحاضر في إحداث تغيير في مهنتهم والاتجاه نحو مهن المستقبلالعصرية التي ظهرت كنتيجة على التقدم التكنولوجي!
ومن المتعارف عليه، هو أنه في كل نشاط أعمال، يتوجب عليك دراسة السوق، التعرف على المنافسين لك في المجال، اتخاذ القرار بمدى الحاجة إلى وجود مساحة أو حيز مادي لمشروعك، التعاقد مع عاملين آخرين، اختيار أفضل الاستراتيجيات التسويقية، إقامة أي نوع من الشراكات المفيدة لك، وغير ذلك من القرارات الأخرى المفيدة!
لهذا السبب، قبل أن تختار، يجب عليك أن تتعرف على خصائص جمهورك المستهدف target audience، ففي المحصلة، يمنحك فهم خصائص و صفات العميل المحتمل مزيداً من الأمان لتحديد إجراءات البيع المناسبة!
لقد تحدثنا من قبل عن ضرورة وأهمية تحديد خصائص شخصية العميل النمطي persona، والذي يتلخص في مجموعة من الخصائص والصفات التي تلخص الزبون المثالي لشراء منتَجك أو خدماتك. لكن قبل أن نبدأ بتحليل الزبائن المحتملين، يجب أن تفهم الاختلافات الرئيسية الكامنة بين B2B و B2C !
لو كانت هذه المفاهيم جديدة عليك، أو تبدو معقدة بعض الشي، لا تقلق! فقد جاءت هذه المقالة اليوم لتزيل كل تساؤل أو قلق، وستفهم بسهولة الفريق بين B2B و B2C ، فقط تابعنا حتى نهاية هذه المقالة!
المفهوم B2C نعني به Business to Consumer، ويمثل نمط حياة أغلبية الناس في عصرنا اليوم.
هذا النوع من الأعمال التجارية يتحدد من خلال صفقات أو عمليات تتم بين أناس عاديين وشركات.
بمعنى آخر، نقوم بإنشاء أعمال تجارية من النموذج B to C عندما نفتح سوبرماركت، نشتري ملابس من متجر، نطلب تمديد خط للانترنت في المنزل. أو نختار هدية ونشتريها من موقع للتجارة الإلكترونية على شبكة الويب.
بشكل عام، يمكننا القول أنه في عمليات الشراء من النوع B2C تحتل العوامل الشعورية منزلة وأهمية كبيرة عند اتخاذ القرار بالشراء.
ولا ننسى هنا الدعايات التي تؤثر على العواطف، هذا النوع من الإعلانات يستغل إثارة نقطة معينة، يشعر المرء فيها بحاجته إلى شراء أمر معين أو تناول شيء معين، أو حتى شراء لباس معين!
من الأمثلة على هذه الدعايات، اخترت لكم دعاية سورية قديمة بعض الشيء، وتروّج للبوظا (بوظا مولر)، فقد تم تصوير هذه الدعاية في أحد أكثر الأمكنة التي تشد العالم إلى شراء الآيس كريم (الشاطئ)، وتصور أناس يشترون على الشاطئ، ناهيك عن استخدام مرادفات وأفعال في الكلام، تثير الرغبة لدى الشخص بالشراء في كل مرة يشعر فيها بحرارة الجو أثناء سيره في الطريق أو على البحر، حيث يذكّره عقله بما شاهد في الدعاية فور تعرضه للحر!
ما رأيك في إلقاء نظرة سريعة على هذه الدعاية؟ّ!
مثال آخر:
هذه المرة سوف أتطرق في مثالي إلى أمر يومي يقوم به الجميع ويشكل أمراً أساسياً في كل منزل، وهو شراء الاحتياجات المنزلية من الطعام والشراب، أي التسوق من السوبر ماركت!
هناك الكثير من الناس، وأنا منهم، أقلق كثيراً من ذهابي إلى السوبر ماركت، وقضاء وقت طويل وأنا أجمع ما أريد، هذا ناهيك عن الانتظار في الصف عند الصندوق ومواجهة الازدحام حتى تدفع لقاء ما اشتريت!
لكن الآن مع تقدم التكنولوجيا، أصبح من الشائع وجود تطبيقات على الانترنت، تساعدك على الشراء والتبضع، وأنت متواجد في منزلك، وتستلم ما اشتريت إلى بيتك! (لهذا نجد أن الدعايات التي تقوم بها شركات التطبيقات هذه تركز في دعايتها على جوانب من معاناة الشخص عند الذهاب والتسوق من المتجر)
مثال: تطبيق نعناع، التطبيق السعودي، تطبيق تشتري عن طريقه كل ما تحتاج له من السوبرماركت وأنت في منزلك!
تعرض الدعاية لهذا التطبيق مشهداً لفتاة تجلس على الأريكة، وتشرب فنجاناً ساخناً، وتتناول هاتفها الخليوي، تطلب ما تريد شراءه وتستفيد من العروض، ومن ثم يأتي العامل في التطبيق ويوصل ما طلبته إلى منزلها قبل أن تنهي فنجانها، مما يعكس فرصة للحصول على ما تريد، بأسرع وقت ، ومن دون الخروج من المنزل.
فلو شاهدت هذا الفيديو، سوف تتأثر به، خصوصاً لو كنت تعاني من نفس المشكلة
شاهد الفيديو الذي اخترته كمثال لا على تعيين:
في كلا الحالتين، نلاحظ أن العوامل والتأثيرات النفسية والعاطفية قد طغت على المسائل التشغيلية والتقنية للمنتجات!
ففي المثال الأول، لم تكن مكونات البوظا السبب الرئيسية الذي يقود إلى الشراء، وكذلك لم يكن لون تطبيق الشراء، أو مزايا خاصة فيه هي السبب في دفع الناس إلى تحميله على هواتفهم والبدء بالشراء، بل الحاجة واستغلال الدعاية إلى هذه الحاجة!
لهذا تسعى الشركات في مثل هذه الحالات إلى استخدام الاستراتيجيات التسويقية لتحريض شعور معين أو حافز عاطفي لدى الزبون المحتمل!
وهنا من المفيد أن نركز على وسائل التواصل التي تُستخدم أكثر لذلك، وهي التسويق الشفوي أو Word-of-mouth marketing، والإعلانات التي توزع كوريقات في الشوارع والتسويق عبر البريد الإلكتروني email marketing،وسائل التواصل الاجتماعي، المدونات blogs، القنوات على يوتيوب، المجلات المتنوعة، ووسائل الإعلام التقليدية مثل الراديو والتلفاز.
وعلى الرغم من أن الزبائن والمستهلكين اليوم يخضعون لتأثير العوامل العاطفية هذه، إلا أنهم يسعون إلى الشراء بشكل يقوم على الوعي، بحيث يدوم المنتَج لوقت جيد!
ولهذا، لا تنس أبداً أن تذكر الجوانب التقنية والمميزات التي يتمتع بها منتَجك في السوق عندما تتحدث مع الجمهور، اتفقنا؟
هذا هو النوع الآخر من الأعمال التجارية، ويُقال له في اللغة الإنكليزية: Business to Business، وهي الصفقات أو العمليات التي تتم بين الشركات. عادة ما تكون هذه العمليات عبارة عن شراء أو مفاوضات تتعلق بحاجة موجودة في شركة ما، تشمل مجموعة من العاملين.
من الأمثلة على ذلك، الشركات التي تتعاقد على الأدوات والمعدات والبرمجيات من شركات أخرى، أو موردين يحضرون مواد من مستودعات تزوّد المكاتب من وقت لآخر.
مثال آخر على ذلك هو التعاون الذي يتم بين الشركات التي توفر أشخاصاً لإيصال الطلبات، والشركات التي لديها زبائن وبحاجة إلى أناس لتوصيل ما يطلبه الزبائن إلى منازلهم.
يندرج تحت هذه الأعمال أيضاً شركات المحاماة التي تقدم استشارات قضائية لرائد أعمال مبتدئ.
عادة ما تكون هذه المفاوضات ذات أسعار أعلى وبشكل متكرر من فترة لأخرى. لهذا تتطلب هذه المفاوضات إدارة وتحكم مالي أكبر، وتقديم للبيانات والمزايا، فما يخرج عن ذلك له تأثير كبير على عملية اتخاذ القرار.
باعتبار أن هذه العلاقات تدوم لوقت، فإن عامل العمر الوسطي لعلاقة الزبون مع الشركة ويُعرف باسم (Customer Lifetime Value) أو اختصاراً CLV، هام جداً فيها!
وهنا ربما تتفرغ الشركة التي تقدم الخدمة أو المنتَج لكي تفهم احتياجات الزبون المحتمل، وتحافظ على تواصلها معه لوقت طويل إلى أن تقنعه بالمزايا التي تقدمها. لهذا السبب، فإن زمن التحويل على عملية بيع في هذا النموذج B2B عادة ما يكون أطول من نموذج B2C.
نفهم من هذه الفقرة إحدى الجوانب الهامة عندما تفكر في دراسة العلاقة بين B2B و B2C : وهو زمن كسب التحويل (نقصد أوان كسب النتيجة التي تطمح لها مع الزبون)، حيث في النموذج B2B تتطلب الشركة وقتاً أطول لكسب الزبون (الشركة الأخرى)، أطول منه في النموذج B2C (أي مع شخص عادي).
تعتبر استراتيجية التسويق بالمحتوى content marketing ، التسويق الداخلي Inbound Marketing والخارجيoutbound marketing تقنيات فعالة في هذه الحالة، وخصوصاً عندما تقدم معلومات تتمتع بالجودة، وتوضح التساؤلات الكامنة لدى العملاء المحتملين، وتعمل على تكوين علاقة من الثقة بين العاملين من كلا الشركتين!
أما القنوات الأكثر استخداماً فهي: التسويق البريدي أو البريد التجاري commercial emails، وسائل التواصل مثل لينكيد إن، صفحات الهبوط landing pages، المدونات، المجلات المتخصصة، الاتصالات الهاتفية أو عن طريق الفيديو، الاستشارات والاجتماعات.
وإذا فكرنا في طبيعة المنصة هوت مارت،
نجد أن العلاقة بينها وبين المنتجين والمسوقين بالعمولة هي علاقة من نوع B2B، بينما العلاقة بين المنتجين /المسوقين بالعمولة والزبائن الذين يشترون دوراتِهم و كورساتهم الرقمية، فهي علاقة من النوع B2C بشكل عام.
على الرغم من ان موضوعنا اليوم هو دراسة بعض المعلومات المفصلة عن النموذج B2B و B2C ، لكن هناك نوعان آخران، ويزداد شيوعهما أيضاً مع الوقت، وهما: B2B2C و C2C
ما رأيك في الحديث قليلاً عنهما أيضاً؟
في هذا النموذج، تتواصل شركة ما بشكل آني مع النوعين من الجمهور معاً (شركات أخرى + مستهلكين).
وفيه تقوم شركة تزاول الأعمال من نموذج B2B، تزوّد بمنتَج أو خدمة ما، تصل إلى الجمهور من نوع B2C بطريقة غير مباشرة، عادة، من خلال قيام شركة أخرى بالتوسط.
هل ترى أن هذا الكلام معقداً بعض الشيء؟
سوف نستخدم أمثلة لتسهيل الفهم!
إن المنصات التي تعمل على شكل marketplace هي عبارة عن نموذج من الأعمال B2B2C.
ربما اشتريت من قبل منتَجاً على الانترنت من موقع للتجارة الالكترونية e-commerce، وفي الحقيقة، كان هذا الموقع وسيطاً للصفقة أو العملية بين الشركة صاحبة المنتَج وبينك! وربما، لم تلاحظ ذلك حتى!
لنفترض أنك متواجد على الانترنت، وتريد شراء أداة كهربائية للمنزل، سواء خلاط للمطبخ، أو غسالة أوتوماتيك، أو حتى ميكرويف، من المحتمل أن تدخل إلى متجر افتراضي على الانترنت اون لاين يضم أجهزة من مختلف الماركات، وربما تكون الجهة المصنعة للمنتَج أو الجهاز شركة أخرى، ويكون الموقع أو المتجر وسيطاً فقط في الشراء!
بكلمات أخرى، يقدم هذا الـ marketplace منصة البيع لشركة أخرى حتى تعرض خدماتها (B2B)، وفي الوقت نفسه، يقدم واجهة من المنتجات للزبون النهائي حتى يشتري منه براحة وسهولة وأمان (B2C).
يمكننا أن نقول أن المتاجر المادية أو البائعين المستقلين الذين يقدمون المنتجات التي يُكلفون بها، هم عبارة عن مثال عن نموذج العمل B2B2C في أعمالهم وصفقاتهم التي تتم خارج الوسط الرقمي أو offline.
وكما رأينا من قبل، عندما يتم التعامل مع جماهير مختلفة، تبرز الحاجة إلى وجود استراتيجيات تسويقية مختلفة:
في حالة العمل B2B2C يجب على الشركة الوسيطة أن تلائم أعمالها مع كل نوع من الجمهور. مع شركات أخرى سوف تتواصل بطريقة مختلفة عن تلك المستخدمة للتواصل مع الزبون النهائي!
من المهم أن نشير إلى أنه، في أغلب الأحيان، يمكن لقنوات التواصل المستخدمة في النموذج B2B أن تكون نفسها وتنفع من أجل النموذج B2C. ولكن الاختلاف الكبير الكامن بين النموذج B2B و B2C هو الطريقة التي سيتم استخدام تلك الإجراءات والأعمال، اللغة وكذلك المنهج المستعمل في إرسال الرسائل!
هو النموذج من نوع Consumer to Consumer، ويشمل عمليات البيع التي تتم بين شخصين عاديين!
هذا النوع من الأعمال شائع جداً في معارض الحرف اليدوية، أو مواقع البيع التي تعرض مواد مستعملة للبيع!
شاهد الفيديو لتتعرف على مثال عن ذلك!
فتحت التكنولوجيا للعالم باباً كبيراً للتقدم، ولهذا أصبحنا نجد اليوم بعض المواقع الإلكترونية التي توفر إمكانية لبيع الهواتف الذكية smartphones، الحواسيب المحمولة والألعاب الإلكترونية مثل موقع glyde.com و موقعswappa.com
بالإضافة لذلك، باتت وسائل التواصل الاجتماعي قناة ومنبراً هاماً للتواصل بين الناس الراغبين في بيع مواد، وأولئك الراغبين في الشراء!
دوماً يجب أن يكون التفكير منصباً على المستهلك!
كما رأينا، هناك اختلافات بين هذه النماذج الأربعة للأعمال التجارية، لكن الاختلاف الرئيسي يكمن في طرق تحفيز المستهلك على الشراء تبعاً لخصائص وميزات كل نوع من الزبائن!
تذكّر: في نموذج الأعمال B2C و C2C ، يهتم المستهلكون أكثر بالمنتجات والخدمات التي ترتبط بشكل مباشر برغباتِهم ومشاعرهم! حتى لو كان هؤلاء الزبائن يأخذون عوامل أخرى بعين الاعتبار مثل السعر، الوظائف، ونوعية المنتَج، إلا أن العامل المميز الذي يُحدث كل الاختلاف هنا هو التآلف العاطفي والتعاطف مع العلامة التجارية أو الماركة!
أما في النموذج B2B يتم اتخاذ القرار بطريقة جذرية وراسخة، حسب احتياجات مجموعة الناس المشتركين في الموضوع ضمن الشركة! لهذا يتطلب هذا النموذج، كما ذكرنا، عملية أطول من النقاشات والمفاوضات إلى عقد الاتفاق!